الجيش المصري… من الاستيراد إلى التصنيع: قوة تُردع ولا تُرتهن لأحد

بقلم: ريهام الحفناوي
في عالم يموج بالتحولات السريعة والصراعات المتصاعدة، لم يعد امتلاك السلاح مجرد خيار، بل أصبح ضرورة وجودية لأي دولة ترغب في حماية أمنها القومي وصون قرارها السيادي. ومن هنا جاء التحوّل الجذري في الاستراتيجية العسكرية المصرية خلال السنوات الأخيرة: الاعتماد على التصنيع العسكري المحلي بدلًا من الاستيراد الخارجي.
فالدول التي تحرص على استقلال قرارها، لا تسمح بأن تبقى رهينة لموردٍ خارجي، ولا تضع أمنها في يد من قد يستخدم ورقة السلاح في الضغط أو الابتزاز. ولهذا اتجهت المؤسسة العسكرية المصرية إلى تطوير منظومتها الإنتاجية لتصبح قادرة على تصنيع جزء كبير من احتياجاتها، وهو ما يُعد تحولًا استراتيجيًا ضخمًا يعزز قوة الردع ويحمي سيادة الدولة.
التصنيع العسكري… ركيزة الردع وبوابة الاستقلال
القدرة على إنتاج السلاح محليًا لم تعد رفاهية، بل عنصرًا أساسيًا في معادلة الردع. فالدولة التي تصنع سلاحها بيدها تضمن استمرارية إمداد قواتها، وتتحكم في تطويره بما يلائم طبيعة تهديداتها، وتبتعد عن أي تبعية سياسية أو قيود تصديرية قد تُفرض عليها في أوقات الأزمات.
ومصر، بما تحمله من ثقل إقليمي وتاريخ عسكري ممتد، تدرك جيدًا أهمية هذا المسار، خاصة في منطقة تتزايد فيها الصراعات وتتحرك فيها التوازنات بسرعة مذهلة.
المسيّرة المصرية «جبار 200»… نموذج لقدرات تتطور
من أبرز الشواهد على التطور النوعي في الصناعات الدفاعية المصرية، تأتي الطائرة المسيّرة «جبار 200» التي أثارت الاهتمام في معرض «إيديكس 2025».
تتميز هذه المسيرة بمدى يصل إلى 2800 كيلومتر، ما يجعلها قادرة على الوصول إلى أهداف بعيدة بعمق استراتيجي كبير، مانحةً الجيش المصري قدرة ردعية متقدمة ضد أي تهديد يظن أنه خارج دائرة الاستهداف.
وتُظهر الخرائط المصاحبة لقدرات الطائرة المسيرة مساحة واسعة يمكنها بلوغها، وهو ما يعكس رؤية مصر الواضحة نحو امتلاك أدوات القوة المعاصرة.
وإذا كان هذا هو المعلن رسميًا… فماذا عن القدرات غير المعلنة التي لا تكشف الدول عنها لأسباب تتعلق بالأمن القومي؟!
مصر… قوة تُبنى بإرادة وطنية
يتزامن هذا التطور مع توسع مصر في إنشاء خطوط إنتاج جديدة، وعقد شراكات لنقل التكنولوجيا، وتطوير بنية تحتية صناعية عسكرية قادرة على صناعة نظم تسليح متقدمة.
وهو ما يؤكد أن مصر تبني قوتها بيدها، وترسخ لمعادلة تقول إن الأمن القومي لا يُستورد… بل يُصنع.