تحقيق| لماذا تتكرر أزمات الصرف الصحي في مراكز أسيوط؟… الأسباب والحلول المقترحة

تشهد عدد من مراكز وقرى محافظة أسيوط، وعلى رأسها ديروط والفتح، تكرارًا ملحوظًا في أزمات طفح الصرف الصحي خلال الأسابيع الأخيرة، مما أثار غضب الأهالي في الشوارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ودفع العديد منهم لمطالبة المسؤولين بسرعة التحرك ووضع حلول جذرية تمنع تكرار الكارثة كل شتاء.
وخلال هذا التحقيق، ترصد جريدة ضي النهار تفاصيل الأزمة، وأسباب تفاقمها، وجهود المحافظة، والحلول المقترحة من المختصين.
🔻 معاناة يومية… الأهالي: “الشارع بقى بحيرة مياه”
في جولة ميدانية لـ ضي النهار داخل بعض شوارع ديروط، بدا المشهد واضحًا: مياه الصرف تغطي أجزاء كبيرة من الطرق، صعوبة حركة المشاة، وروائح كريهة تملأ المكان.
الأهالي أكدوا أن الأزمة لم تعد مرتبطة فقط بنقطة معينة أو ماسورة مكسورة، بل أصبحت ظاهرة موسمية تتكرر مع كل زيادة في الضغط على الخطوط القديمة.
يقول أحمد فتحي، أحد سكان حي بكرم:
“إحنا تعبنا… كل شتاء نفس المشكلة. بنفوق على الطفح في الشارع، وبيوت كتير بتتغرق، والولاد مش عارفين يعدّوا للمدارس”.
وفي مركز الفتح تكرر السيناريو نفسه، حيث قال خالد رجب من قرية بني مر:
“الشبكات قديمة ومش مستحملة عدد السكان… كل يوم بنبعت شكاوى، والمشكلة بتتصلّح يومين وترجع تاني”.
🔻 لماذا تتكرر الأزمة؟… الأسباب الحقيقية
من خلال مراجعة البيانات الرسمية وتواصل مع فنيين ومسؤولين، توصلت ضي النهار لأهم الأسباب الرئيسية وراء تكرار أزمات الصرف الصحي في مراكز أسيوط:
1️⃣ تهالك الشبكات في أغلب القرى
عدد كبير من خطوط الصرف تم إنشاؤه منذ أكثر من 25 عامًا، وهي خطوط غير مهيأة للزيادة السكانية الكبيرة التي شهدتها المحافظة.
2️⃣ زيادة غير محسوبة في التوصيلات العشوائية
الكثير من المنازل التي تم بناؤها خلال آخر 10 سنوات قامت بالربط على الشبكة بطريقة غير قانونية، ما يزيد الحمل على الخطوط ويؤدي لانفجارها.
3️⃣ عدم كفاية محطات الرفع والمعالجة
تنقل سيارات الشركة يوميًا كميات ضخمة إلى محطات معالجة قديمة، وبعضها يعمل بطاقة أقل من المفترض.
4️⃣ ارتفاع منسوب المياه الجوفية
في بعض قرى ديروط والفتح، ارتفاع المياه الجوفية يؤدي إلى ضغط عكسي على خطوط الصرف.
5️⃣ انسداد متكرر بسبب مخلفات داخل الشبكة
فنيون أكدوا أن أكثر المشكلات تحدث بسبب إلقاء مخلفات صلبة مثل البلاستيك والقماش داخل المنازل، فتتراكم وتغلق المواسير.
🔻 رأي المسؤولين… الشركة القابضة: “نعمل على حلول عاجلة”
مسؤول بإحدى محطات الرفع في أسيوط — فضّل عدم ذكر اسمه — قال لـ ضي النهار:
“هناك خطة لتجديد جزء من الشبكات في ديروط والفتح، وقد تم بالفعل البدء في تغيير بعض الخطوط، لكن الأمر يحتاج وقت وتمويل”.
وأصدرت شركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسيوط بيانًا أوضحت فيه:
-
الدفع بـ سيارات شفط إضافية في المناطق المتضررة
-
صيانة عاجلة لعدد من غرف التفتيش
-
العمل على خطة مرحلية لرفع كفاءة 3 محطات معالجة
لكن العديد من الأهالي يرون أن هذه الحلول مجرد “مسكنات” مؤقتة وليست علاجًا جذريًا.
🔻 الأضرار… الشوارع تتلف والمحال تغلق
تكرار الطفح في الشوارع تسبب في:
-
تآكل طبقات الرصف
-
انتشار الحشرات والروائح
-
خسائر للمحال التجارية
-
تعطل حركة السيارات
-
صعوبة وصول الطلاب للمدارس
-
تضرر الأساسات في بعض المنازل القديمة
يقول صاحب محل ملابس بديروط:
“كل ما يحصل طفح المياه بتدخل علينا المحلات… في أيام العيد خسرنا كتير”.
🔻 خبراء: الحل في خطة شاملة وليس في إصلاح الطفح فقط
يرى خبراء طرق وصرف صحي أن الحل الحقيقي لمشكلة أسيوط لا يتم عبر شفط مياه الطفح أو تغيير “ماسورة هنا وهناك”، وإنما عبر:
✔ 1. رفع كفاءة الشبكات بالكامل في القرى القديمة
استبدال المواسير المتهالكة بأخرى قطر أكبر.
✔ 2. إنشاء خطوط انحدار جديدة
لتقليل الضغط على الخطوط الحالية.
✔ 3. زيادة الطاقة الاستيعابية لمحطات الرفع والمعالجة
وهو ما يحتاج لتدخل حكومي وتمويل مركزي.
✔ 4. منع التوصيلات العشوائية
ووضع غرامات رادعة.
✔ 5. حملات توعية للمواطنين
بعدم إلقاء المخلفات المنزلية داخل البلوعات.
🔻 توصيات “ضي النهار” للحد من الأزمة
بعد تحليل الشكاوى والتقارير الفنية، توصي الجريدة بالآتي:
-
إعلان جدول زمني رسمي لصيانة خطوط الصرف.
-
تخصيص رقم طوارئ خاص بكل مركز للبلاغات العاجلة.
-
تنفيذ خطة توسعة الشبكات خلال عامين على الأكثر.
-
زيادة عدد سيارات الشفط للعمل 24 ساعة في مناطق الطفح.
-
متابعة أسبوعية لأكثر المناطق تضررًا.
🔻 الخلاصة
أزمة الصرف الصحي في ديروط والفتح وباقي مراكز أسيوط لم تعد “مشكلة فنية بسيطة”، بل أصبحت ملفًا خدميًا ضاغطًا يحتاج إلى تدخل شامل.
وحتى يتم تنفيذ مشروع تطوير الشبكات بالكامل، يظل الأهالي بين خوفهم على منازلهم ومعاناتهم اليومية من طفح المياه في الشوارع.
وتستمر “ضي النهار” في متابعة الأزمة ورصد كل جديد يعرض على القارئ الحقيقة كاملة دون مبالغة أو تزييف.